إجمالي مرات مشاهدة الصفحة


الثلاثاء، 19 يونيو 2012

الزيارة


الزياره
يغرق بليمار في اكوام المجلات الملقاه بعشوائيه اسفل البيانو العتيق الوحيد في صاله شقته ذات الطراز المعماري القديم في احدي بنيات وسط البلد حيث تنعكس اضواء المحال الحديثه لتخترق صمت سنين تلك الشقه العجوزه زمنا ووحده
وكعادته كان يبحث بليمار عن احدي مجلات هواه المراسله القديمه ليصطاد زبائنه كل خميس
يسحب التليفون ويحتار اسم من تلك المجله
بليمار: انا بليمار قريت اسمك في مجله المراسله واشعر بالرغبه في التعرف عليكي اقابلك اليوم اسفل كوبري قصر النيل  ستجديني طويل وسيم ارتدي قبعه وسوف اعرفك تماما حينما اراك --------سانتظرك
ينهض بليمار ويذهب الي الحمام ينظر في المراه  قليلا هو منذ عشره سنين دون شعر براسه ولا حاجبيه    يبدو وكان وجهه قناع في احدي الافلام الاجنبيه المرعبه
يتلصص قليلا من خلف نافذه الحمام فهذا ميعاد حموم جارته البدينه والتي يستمتع كل يوم بالنظر عليها ليحرر بعض من طاقاته المكبوته
يتصبب عرقا  يتاوه ثم يلين جسده ويلقي بنفسه في مغطس المياه يغوص وينهض باكيا راكلا كل شئ حوله صارخا يخرج من الحمام جاريا الي البيانو يعزف موسيقي صاخبه غير منغمه
يدخل بليمار الحجره الاولي من ثلاث حجرات في شقته يجلس علي كرسيه الانيق والذي يقابله كرسي اخر هزاز وليس سوهما في الحجره يدحن سيجار عريق وينظر الضوء المبعوث من لوحات الاعلانات يختفي في اشلاء الذكريات قليلا  وينتبه الي دخان السيجار المتصاعد يملاء الحجره بلونه الرمادي يبنهض بليمار ويرتدي ملابسه وقبعته ويسير الي الباب ويطفئ المصباح الوحيد في شقته بالصاله الاثريه
تراه قادما وسيم طويل انيق  يجالسها علي ضفاف النيل المزدحم بالباعه والماره وقصص الحب المنتهيه والقصيره وسياح في حديقه حيوان يشاهدون انواع غريبه من الحيوانات المتراميه علي الارصفه يطلبون المسكن والطعام
ينظرها بليمار جميله بشعرها المتطاير وانوثتها المركزه بين نهديها وشفاها
بليمار :اسمك ندي صح
ندي :وانت بليمار اسم غريب
بليمار:الليله كل حاجه غريبه
ندي مش فاهمه
بليمار :اقصد اني اتعرفت عليا بطريقه غريبه
تومئ ندي براسها طارده افكار غريبه تتصاعد الي راسها وتحاول ان تسمعه جيدا
بليمار يحكي لها عن بيته الراقي والاثاث الفرنسي الصنع والمهاره وحياه الامراء التي يحياها وتنبهر ندي وتنصت ويستمر بليمار يحكي عن اجداده الامراء وحكايات الملك مع المحظيات فكان ابوه امين سر في احدي القصور الملكيه
ويتارجح ماسح الاحذيه الحقيير بين كلمات بليمار مقاطعه
ماسح الاحذيه:تمسح يااستاذ
بليمار :( ينظره بقسوه  ثم يبتسم ابتسامه غريبه لها معني غير صافي)تلعب توس علي الصندوق
ماسح الاحذيه:ده اكل عيشي يابيه
بليمار يخرجه مائتي جنيه ويعطيهم لماسح الاحذيه ثم يخرج بعمله معدنيه
بليمار اذا فزت يكون من حقك الصندوق والمال ولن لم تفز فمن حقي كلاهما
ماسح الاحذيه :يفكر قليلا بنظره شغف للنقود  نجرب
يلقي بليمار بالعمله بين ذهول ندي الصامته المترقبه لتسقط العمله لتدمر حلم هذا الفقير ماسح الاحذيه ويمسك بلييمار بالصندوق ويسحب المال من بين يدي الرجل الواجم الساكت المهزووم
تصرخ ندي ويضحك بليمار بصوت مفترس ويقف ويدور حول نفسه مرات ثم يلقي بالصندوق في النيل بين صرخات ندي ودموع الرجل العاجز
بليمار :دائما افوز يا سيدتي فانا مقامر جيد
ندي تحاول لملمه ادراكها بين نظرات بليمار وانسحاب الرجل بعيدا بخطوات ثقيله ونهايه بجانب السور مذهولا يمد يده للماره
بليمار: فلنغير المكان سنذهب الي شقتي
ندي بذهول :كيف
يسيران بعيدا ويركبا تاكسي ويصلا الي شارع صارخ من شوارع وسط البلد
وامام الشقه يتنهد بليمار ويبتسم ابتسامه النصر
بليمار :في شقتي مفاجات كثيره تفضلي
تدخل ندي لتري البيانو واكوام المجلات واكواب المشروبات الملقاه في كل مكان لم تري اي اثاث فرنسي كما قال ترتبك وتظهر علامات الخوف والفزع وهي تسمع صوت غلق الباب بمفتاح يمسك به بليمار قليلا قبل ان يلقيه من النافذه الوحيده في الصاله  تجري ندي علي النافذه وتلقي نظره
ندي :ده معناه ايه
بليمار :الشقه دي فيها مفتاح تاني لو لاقيته هتخرجي اتفضلي ويدخلها الحجره الاولي
تدخل ندي وتجلس علي الكرسي الانيق يدفعها بليمار الي الكرسي الهزاز
بليمار:هذا مكانك
ندي تجلس وهي في حاله عصبيه فيزداد الاهتزاز مع زياده اضواء الاعلانات
ندي :انا مش خايفه ان مستغربه انا مش بخاف من حد  (بتلعثم )انا عايز اعرف في ايه
يقف بليمار يدور حولها كذئب ينتظر لحظه الانقضاض علي فريسته
بليمار :كانت ليالي دافئه تلك اليالي في وسط الليل الصارخ بمجون الشهوه تسير عرباته بين منحيات جسدك تعربد تسطر كلمات الرغبه في اركانك تتاوهين شراسه وتشدي من اطرافك حاضنه متلهفه لهمسته في اذنك ولمسه شفاك باصبعه تصرخين من لذه اللحظه ودفء التوحد
تنظره ندي متوجعه بهزيان يعتري جسدها يخترق ابواق مسامعها
يخلع بليمار قبعته ليبدو وجهه الدميم واقع مرعب لاطراف ندي المتصلبه
والتي تصرخ وتنهض تبحث عن المفتاح بين اكوام المجلات علي موسيقي صاخبه يعزفها بليمار نفسه وهو جالس الي البيانو القديم ترهق ندي من البحث وتصم المسيقي اذنيه فتستمر بهما رغم توقف العزف ياخذ بليمار بيديها ويراقصها بجنون موسيقاه حتي يصلا الي باب الحجره الثانيه يلبسها قناع ماسح ليس له ملامح الا لونه الازرق القاتم ويفتح لها الباب
تدخل ندي وهي تتراقص بجنون اللحظه لتجد في الحجره لاشئ سوي مراااه اثريه الشكل والطراز لتنظر نفسها بقناع مرعب تصرخ وتجري مسرعه الي الباب ليقابلها بليمار بكوب من ماء مثلج تلتهم ندي الكوب وتجر قدميها الي الكرسي الهزاز تختبئ بداخله ودموع تروي خديها خجل وعتاب
ندي:كنت اراه حياه اشتاق اليه ناظرا متلهفا معتصما في محراب مفاتني مجربا كل الطرق للوصول اليها وسقطت نعم سقطت في هوه الشوق والرغبه
علمني اصول العفه في ليالي حمراء تطارديني عذريتي وحررني منها ففي تلك الليالي الحريه دين نستبق في لحظات الخلسه متعه ونعيم وتنتهي اللذه الابديه وتسقط كل الاقنعه واعود لاجد نفسي في بئر الرغبه فريده يتلقفني من يرغب حريه او دين فكلاهما سواء وتعتصرني احشائي جنين ثمن الغربه في سرائر الاخرين وتصنع مني امراه بلا قيد او دليل اعيش الرغبه ثمنا حبه الاول وياليته كان الاخير
في ليالي قمريه يسطع بها القمر عاشقا ابكي عمرا وزمنا لم اتطهر لم يبقيني بجانبه جاريه اسقيه بيدي في تلك الليالي القمريه وابكي وابكي واصرخ واصرخ
انا لازم اخرج من هنا
تنهض ندي وتهرول في انحاء الشقه حتي الحجره الاخيره تفتحها لتجد نفسها في عالم اخر يتبعها بليمار ليغلق باب الحجره الثالثه خلفها ويذهب لحمامه يتابع المراه البدينه
تدخل ندي لتجد ارفف من الاكفان البيضاء يعلوها تلك الاقنعه المخيفه
يتدلي من سقفها مشنقه تخلع ندي ملابسها وتضع رقبتها بين دائره المشنقه والتي يقع اسفلها كفن ابيض
تتدلي ندي بين المشنقه وتسقط فتفتح الكفن وتجد المفتاح تمسك به وبملابسها وتهرول الي الباب الرئيسي تفتح وتهرب من الزياره
يتجه بليمار الي الحجره الثالثه ويضع الكفن علي احدي الارفف وعليه قناع
يتجه الي البيانو ويجلس اليه ويعزف تلك الموسيقي الغاضبه مع دخان السيجار العريق وابتسامه النهايه الزائفه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق